نقل عن بعض
الصالحين أنه قال من جَمَعَ ست خصال لم يترك الجهد في طلب الجنة والهروب من النار
عرف الله فأطاعه وعرف الشيطان فعصاه وعرف الحق فأتبعه وعرف الباطل فأقصاه وعرف
الدنيا فرفضها وعرف الأخرة فطلبها وقال عجبت ممن يحتمي من الطعام خوف المرض ولا
يحتمي من الذنوب خوفاً من العذاب ويُروى عن بعض الحكماء أنه أتبع فراسِخ عديدة في
طلب ثمان مسائل قال أخبرني ما الواجبُ وما الأوجبُ وما القريبُ وما الأقربُ وما
الصعبُ وما الأصعبُ وما العجيبُ وما الأعجبُ فقال أما الواجبُ التوبة وأما الأوجبُ
ترك الذنوبِ وأما القريبُ القيامةُ وأما الأقربُ
الموت وأما الصعبُ القبرُ وأما الأصعبُ أن تدخله بغير زاد وأما العجيب
الدنيا والأعجب التعلق بها.
فائدة عن الغزالي:
في كتابه بداية
الهداية عند الأداب المطلوبة بعد طلوع الشمس أن للإنسان أربع حالات على حسب طويته
ورغبته بالأعمال الصالحة الحالة الأولى وهي الأفضل ان يشتغل بطلب العلم النافع في
الدين ولم يضيع وقته بالفصول الذي أكب الناس عليه وسموه علماً وتعريف العلم النافع
هو ما يزيد خوفك من الله تعالى ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك ويزيد في معرفتك
وَرَغبتك بعبادة ربك عز وجل ويقلل رغبتك في الدنيا ويرغبك في الأخرة ويفتح بصيرتك
بآفات أعمالك لتحترز منها ويطلعك على مكايد الشيطان وغروره وكيفية تلبيسه على
العلماء والسوءِ حتى عرضهم لسخط الله حيث
أكلوا الدنيا بالدين واتخذوا العلم وسيلة الى أخذ أموال السلاطين وأكل الأوقاف
وأموال اليتامى والمساكين وصرفوا همتهم الى طلب الجاه والمنزلة عند الخلق وألجأهم ذلك الى المراءات والممارات والمناقشة
والمباهات الحالة الثانية أن لا تقدر على تحصيل العلم النافع فاشتغل بوظائف
العبادات من الذكر والقراءة والتسبيح والصلوات فذلك من درجات العابدين وسير
الصالحين الحالة الثالثة أن تشتغل بما توصل به خيراً الى المسلمين وتدخل به سروراً
على قلوب المؤمنين أو تقوم بخدمة الفقهاء والمتعبدين لتيسير الأعمال الصالحة عليهم
فتكون أن فاتك التشمير بالطاعة معيناً عليها الحالة الرابعة أن لا تقوى على شيءٍ
من ذلك فتشتغل بأداء المفروض وترك المحظور وأمان المسلمين من لسانك ويدك فتكون قد
أنجيت نفسك بسلامة دينك فهذه أدنى الحالات وما بعدها فهو مراتع الشياطين ورتبة
الهالكين لآن العبد أما سالم وهو المقتصر على أداء الفرائض وترك المعاصي وهذا رأس
المال وأما رابح وهو المتقرب الى الله تعالى بأنواع البر والخيرات وأما خاسر وهو
المقتصر عن المفروض فان لم تقدر أن تكون رابحاً فاجتهد أن تكون سالماً وأياك ثم إياك
أن تكون خاسراً.