قال الله تعالى عز
وجل (لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحْصِرُوا۟ فِى سَبِيلِ
ٱللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًۭا فِى ٱلْأَرْضِ) أية 273 سورة البقرة، وَأَخْبَرَنَا
بِهَذَا الْحَدِيثِ جَدِّي جَابِرٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ
أَبُو جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ عن أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ ، عَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ سيدنا الإمام عَلِيٍّ كرم الله وجهه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ
: " الْفَقْرُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَزْيَنُ مِنَ الْعِذَارِ
عَلَى خَدِّ الْفَرَسِ ، سُئِل سيدنا الشبلي
من حقيقة الفقر فقال أن لا ترى في الدارين مع الله غير الله، ولا يكون الفقير
صادقاً في فقره حتى يترك الأخوان والأصحاب كما قال بشر أبن الحارث(الحافي) إذا كان
للفقير إخوان فإنه لا يفلح لانهم إذا اجتمعوا لا يسلمون من المزاح وذكر الناس في
الغيبة، وعلامة الفقير المحقق فيه أن يفتقر إليه كل شيء ويستغني هو عن كل شيء،
وعلامة الفقير الصادق إظهار الشبع عند الجوع والفرح عند الحزن والنشاط عند الكسل
وأن يذّل بعد العزّ ويفتقر بعد الغنى وأن يصير مردوداً بعد أن يكون مقبولاً، وعلامة
الفقير الكاذب ثلاثة أن يغر بعد الذّل وأن يستغني بعد الفقر وأن يظهر بعد الخفاء،
وروي عن سيدنا النبي صل الله تعالى عليه وآله وسلم قال ان أول تحفة المؤمن الفقر،
ولمعمر بن أحمد الأصفهاني في حقيقة الفقر شعر:
رضيت الفقر ثم القصد حالي*وقلبي شاخصٌ نحو الموالي
وصبري مؤنسي والفقر زيني*وحمل الضر أحوال الرجالي
وما الدنيا وما المقبول فيها*وفي أقبالها خير الزوالي
وإني صابر في القصد فيها* بحمد اللهِ ربيّ ذي الجلالي
غنايي ظاهر في حال فقري*وقلبي واثقٌ والفقر حالي
وأرضى باختلال لا أبالي*فإن الدهر يجري بأنتقالي
وما الدنيا بما فيها بدارٍ*بلَي في النوم أو في الظلالي
وحقيقة الفقر هو الغني بالله والغنى بالله هو الفقر الى اللهِ عزّ وَجَلّ
وكل حقيقة لا يتبعها الشريعة فهي زندقة وكل شريعَةٍ لا يتبها حقيقة فهي ضلالةٌ،
وعلامة الفقير الصادق الصدق في جميع الحركات والتقلل من المباحات والصم عن كثيرٍ
من المسموعات، وقال محمد الحريري حقيقة الفقير ألا يطلب المعدوم حتى يبذل الموجود
ومن لم يصحبه في التصوف ثلاثةُ أشياء فليس من أهله صيانة الفقرِ بالدعاء وصيانة
العلم بالاستعمال وصيانة المعرفة بالخدمة، وسُئِل ذو النون عن حقيقة الفقر فقال
انقطاع الحيلة، وقال أبو عبد الرحمن السلمي الفقير من لم يكن له عمل يرضيه ولا حال
يرجع إليهِ ولا وقت يسكن فيه ولا علم يستريحُ إليهِ ويكون سرهُ مشاهداً للحق لا
يكون له عنه رجوع ابداً، وأدب الفقير ثلاثة أشياء أن لا يسأل ولا يعارض وأن عورض
سكت وقال سهل بن عبد الله علامة الفقير الصادق ثلاثة لا يسأل إذا أحتاج ولا يرد
إذا أعطى ولا يحبس لوقت ثانٍ إذا أخذ.