قال سيدنا إمام
جعفر الصادق (عليه السلام) نهينا عن إظهار هذا العلم يعني علوم التصوف لغير أهله
كما نهينا عن الزنا ولا إقامة لدين الله إلا بهذا العلم، وقال إن الله تعالى فضح
من أبلغ سره وعلمه الى غير أهله، سُئِل أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه عن التصوف
فقال طرح النفس في العبودية وتعلق القلب بالربوبية يقال أن التصوف خصال تجريد
التوحيد ثم الإيثار ثم حسن العشرة ثم فهم السماع ثم ترك الاختيار ثم سرعة الوجدِ
ثم الكشف عن الخواطر ثم كثرة الأسفار ثم ترك الاكتساب ثم تحريم الادخار سُئِل بعضهم
عن التصوف فقال الغيرة على دين الله والشفقة على خلق الله تعالى، سُئِل الدقاق ما
أول التصوف قال العبودية قيل وما أخره قال الحرية، سُئِل سيدنا السري السقَطي(قدس
سره) عن التصوف فقال هو أسم لثلاثة معانٍ وهو الذي لا يطغى نور صرفته نور ورعه ولا
يتكلم بباطن من العلم ينقضهُ عليه ظاهر الكتاب ولا تحمله الكرامات من الله عز وجل
على هتك أستار محارم الله وقال محمد بن علي الكتاني التصوف خُلقٌ من زاد عليك في
الخلق زاد عليك في التصوف وقال التصوف كتمان الفاقات وموافقة الأوقات وسُئِل بعضهم
عن التصوف فقال الأستقصار من دعاوي الصفات والدخول في حال أهل الصفا وسُئِل سيدنا
الشيخ جنيد البغدادي(قدس سره) عن ذات التصوف فقال إياك وإياك خذ الظاهر ولا تسأل عن
الذات قال فاتح المتصوفة هم القائمون مع الله من حيث لا يعلمه إلا الله تعالى، قال
بعضهم التصوف حبس النفوس مع الحق بقيد الاتكال والصبر تحت السلاسل والأغلال، وقيل
التصوف بذل الأرواح تحت البلاء وفنا النفوس طلباً للرضا، وقيل التصوف طلب الصفا والقيام
بحقائق الوفا وقيل التصوف الدخول في نيران البلاء طلباً للموت وشوقاً الى اللقاء،
وقال أبو الحسين النودي التصوف بغض الدنيا وقال بن عطا كان حالاً ثم صار قالاً ثم
ذهب الحال والقال وبقي الاحتيال وقال أبو محمد الحريري التصوف ستر للحق في الخلق ومَثَله
كالسم، وقال أبو حفص النيسابوري التصوف فطنةٌ أفطنَ الحقَ بها أبناء القلوب، وقال
سيدنا الشبلي(قدس سره) سكون القلب عن ما دون الحق واحتراق للحق وقال أبو يعقوب
النهرجوري التصوف زفرات القلوب بودائع الحضور، وقال أبو عبد الله بن حفيف التصوف
ترك التكلف واستعمال التظرف ونفي التشرف، وقال أبو الحسين المزين الكبير التصوف سعادة
سبق بها الحق للخلق قبل كونهم، وقال العمري التصوف همة بالله تعالى أبطل كل همة
سواهُ، وقال أبو بكر الكتاني التصوف الخلق الحسن، وقال أبو سعيد الخزاز الصوفي هو
ملأن من ربه فارغ من غيره، قيل التصوف هو استعمال الخلق مع الخليقة والاقتداء
بسيدنا رسول الله صل الله تعالى عليه وآله وسلم والشريعة والتحقيق مع الحق
بالحقيقة والتصوف تذليل النفس بفقرها ومنعها مما تسكن إليهِ وسوء الظن بها وتقبيح
محاسنها وتعظيم الخلق وحسن الظن بهم وتحسين قبائحهم، وقيل التصوف ان التصوف لا
تظهر خيراً و لا تضمر شراً، وقال أبو علي الروذبادي التصوف من لزم الحركات
بالأفكار وسكن عند مجاري الأقدار ولم يتناول من رزقٍ إلا بمقدار، وقيل الصوفي الذي
تراه لنفسه ناسياً وللإخوان مراعياً وعن الشهوات ساهياً ولعبادة ربهِ مؤدياً، وقال
سيدنا الشيخ معروف الكرخي(قدس سره) التصوف الأخذ بالحقائق والكلام في الدقائق والأياس
مما في أيدي الخلائق، وسُئِلَ سيدنا الشيخ جنيد البغدادي(قدس سره) الصوفي هو
الصافي من نفسه الممتلئ من رَبِهِ، سُئِلَ سهل بن عبد الله عن التصوف فقال التحرك
في البادية والسكون في الزاوية، وقال الحسين بن منصور الحلاج الصوفي وحداني الذات
لا يقبله أحدٌ ولا يَقبلُ أحداً والتصوف الاستهلاك في حقائق الحق والفنا عن جميع اوصاف
الخلق، وقال سيدنا الشيخ جنيد البغدادي(قدس سره) التصوف ترك الأوطان وهَجر الإخوان، وقال أبو
معمر الأصفهاني التصوف خبر من الغيب في القلوب ينفي الريب والعيوب
التصوف صفا في العقد ووفاءُ بالعهد وفناءُ بالوجد التصوف حفظ السر بالمعرفة وحرمة
العبودية بالخدمة، التصوف أفراد الحق عن أسباب الخلق، وأنشد لمعمر الأصفهاني في
هذا المعنى شعر:
أن التصوف سر ليس
يبديه*ولا الحكومة في الأسرار تخفيه
فإنه لائح في
القلب شاهِدُهُ*واللهُ أولهُ واللهُ يهديهِ
من كان يطلب من
رسم شاهده*فإنه يأته قد ضَلَ في التيهِ
ومن يجد وحكم
الجُهد شاهدُ*بعد الهداية ان الله يبديهِ
قال محمد بن حفيف
الشيرازي سألت دويم بن محمد عن التصوف فقال يا بني التصوف فنا الناسوتية وظهور اللاهوتية
فقلت زدني رحمك الله فقال لا رحمني الله ان كان في ذلك مزيد وسُئٍلً الحلاج عن
التصوف فقال طوامر ودوامر لاهوتية قال السائل فقلت لهُ أفصح عن المعنى فقال لا
عبادة عنه فقلت لم أظهرته فقال يعلمه من يعمله ويجهله من يجهله فقلت أسألك بالله
الا أفهمتني فأنشدَ:
لا تعرض بنا فهذا
بِنان*قد خضبناه من دم العشاق
الصوفي من ضفا
ووفا فيما ظهر واختفى وتقلل واكتفى وقيل التصوف حفظ السر بالمعرفة، وقال سيدنا الشيخ جنيد البغدادي (قدس سره) لكل أمةٍ صفوةٍ وصفوة هذه الأمة الصوفية، سُئِل سيدنا الشيخ جنيد البغدادي (قدس سره) عن التصوف فقال
الخلق والأدب وسُئِل أيضاً عن صفات الصوفي فقال بدن سيار وقلب جوال وعينٌ طيار
وسُئِل عن أوصاف الصوفية فقال جازوا على قناطر الفتن حتى وقفوا على بساط المنن
وخطبوا بلسان الكريم وتوجوا بتاج البهاء وقعدوا على بساط الصفا فنسوا الدنيا وما
فيها، وقال أحمد بن عطا الصوفية شربوا من بحر السرور فلا ترى أحداً منهم إلا طرباً
فرحاً.