قال أحمد بن محمد
من صحب الصوفية فليصحبهم بلا نفسٍ ولا قلبٍ ولا ملكٍ فمتى نظر الى شيءٍ من أسباب
قطعه ذلك عن بلوغ مقصده وقال إبراهيم الخواص بصحبة الفقراء أي المريدين الصادقين
يصل العبد الى مقام العارفين، حكي عن أحمد بن عبد الله الشرويني ان أبا بكر بن
دينار الأرموي رآه في النوم فقال له أي الأعمال وجدته أنفع فقال ما وجدت شيئاً بعد
التوحيد أنفع من صحبةِ الفقراء فقلت أي الأعمال أضر قال الوقيعة في الصوفيةِ لم
أجد ثَمَ أوجه منهم ولو أنهم أستوهبوني لكنت من الهالكين وكاد ان يَحبِطَ اعمال
كلامي فيهم فبفضل معروفهم نجوت، حكي عن أبراهيم بن شيبان انه قال كنا لا نصحب من
يقول لعلي و ركوتي، وقال أبو أحمد القلانسي أستاذ سيدنا جنيد قدس سره دخلت على
قومٍ من الفقراء بالبصرة فأكرموني ويبجلوني فقلت يوماً أين أزاري فسقطت من أعينهم،
وقال أبراهيم المولد دخلت طرطوس فقيل لي أن ها هنا جماعة من إخوانك وهم مجتمعون في
دارٍ فدخلت عليهم فرأيت سبعة عشر فقيراً كلهم على قلبٍ واحدٍ، وقال أبو سعيد
الخراز صحبت الصوفية خمسين سنةً ما وقع بيني وبينهم خلاف قيل وكيف ذلك قال لإني
كنت معهم على نفسي، وقال ذو النون المصري لا تصحب مع الله إلا بالموافقةِ ولا مع
الحلق إلا بالمناصَحةِ ولا مع النفسِ إلا بالمخالفةِ ولا مع الشيطان إلا
بالمحاربةِ، وكان إبراهيم أبن أدهم إذا صحبه إنسان شارطهُ على ثلاثةِ أشياء أن
تكون الخدمة والأذان له وأن تكون يده في جميع ما يفتحه الله عليهِ من الدنيا
كأيديهم، فقال له رجل من أصحابه أنا لا أقدر على ذلك قال أعجبني صدقك، وقال عثمان
بن زياد إذا رأيتم الرجل كثير الأخلاء فاعلموا أنه مخلّط، وقال أبو حازم إذا كان
لك أخ في الله فلا تعامله في أمر دنياك، وقال مالك بن دينار وجدت أخوة زماننا هذا
مثل مرقة الطباخ طيبة الريح لا طعم لها، وروي عن سيدنا النبي صل الله تعالى عليه
وآله وسلم أكثروا من الإخوان فإن ربكم جلّ جلاله حيٌ يستحي أن يُعَذِبَ عبده بين
إخوانه يوم القيامة، يا أخي لا تواخي من يصحبك لخوفٍ أو طمعٍ أو نفاقٍ فإن (ٱلْأَخِلَّآءُ يَوْمَئِذٍۭ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلْمُتَّقِينَ)،
يقال من أراد صديقٍ بلا عيبٍ بقي بلا صديقِ، وقال يحيى بن معاذ الرازي بئس الصديق
تحتاج معه الى مداراة، وقال أبو عمر الدمشقي يا أخي لا تصحب غير الله فإنه الذي
يكفيك المهمات ويشكرك على الحسنات ويستر عليك السيئات ولا يفارقك خطوة من الخطوات،
وقال يوسف بن الحسين نظرت في آفات الخلق فعرفت من أين أتوا فنظرتُ آفة الصوفيةِ
ثلاثةٍ في صحبة الأحداث ومعاشرة الأضداد وأرفاق النسوان، حكى سيدنا الإمام جعفر بن
محمد الصادق عليه السلام عن أبيه أنه قال من أراد أن يدوم مودة أخيه فلا يماريه
ولا يمازحه ولا يعده وعداً فيخلفهُ، وقال سيدنا النبي صل الله تعالى عليه وآله
وسلم من أحسن صحبته مع صاحبهِ أحسن الله صحبته في الدنيا والأخرة(مَن أحسَنَ صحبةً صاحَبَهَا أحسنَ اللهُ صحبتَهُ في الدُّنْيَا والآخرةِ) الراوي:
أنس بن مالك المحدث:ابن القيسراني - المصدر: ذخيرة الحفاظ - الصفحة أو الرقم: 4/2182
خلاصة حكم المحدث: [فيه] جعفر الهاشمي وكان يروي الموضوعات عن الثقات ويسرق الحديث من الأثبات ،
خلاصة حكم المحدث: [فيه] جعفر الهاشمي وكان يروي الموضوعات عن الثقات ويسرق الحديث من الأثبات ،
سُئِل سيدنا الشيخ الحسن
البصري قدس سره عن الصديق الذي يحل أكل ماله بغير اذنه فقال من استراحت إليه النفس
وسكن به القلب فإذا كان كذلك فلا إذن في ماله، أنشد علي بن موسى الخراز لنفسه
شعراً:
أصحب من الإخوان من ودّه*أصفى من الياقوت والجوهر
ومن إذا سرّك أودعتهُ*لم يذكر السرّ الى المحشر
ومن إذا أذنبت ذنباً أتى*معتذراً عنك ولم يجهر
ومن إذا غِبتَ له غيبة*أقلقه الشوق فلم يَصْبر
قال الفضيل بن عياض من كان له
أخاً في الله فقد وجب عليه حقَّهُ والمواساةُ له في ماله والحفظ له في غيبته، وقال
أيضاً في آخر الزمان يفشوا الكَذب وتكثر الغيبَة فانظر من يكون خدنك (أي صديقك)،
وقال أيضاً البلاءُ أن تكون خدن الرجل صاحب بدعة، وقيل في كتاب منثور الحكمة لا
يفسدك الظنّ على صديق أصلحه اليقين، وقيل ر يثق بالصديق قبل مخبره ولا ترفع
بالعدوّ قبل القدرة ولا تعاتب أخاك عثرةٍ سبقت منه ولا تَلمُهُ على ذلك ولا تكشف
سرّهُ وأدعُ لهُ بظهر الغيب واسأل الله تعالى رده الى أجمل عاداتهِ وقابله بالصحة
على حد اللين والعطفِ فإن لين الملامة تعود على صاحبه عن قليلٍ كالبغي ألا ترى كيف
ذكر الله عَزّ وَجَلّ في قصة يوسف عليه السلام(فَذَٰلِكُنَّ
ٱلَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ) أية 32 سورة يوسف.
وقال
أبو عثمان الحيري اخوة الدّين أثبت من اخوة النسب فإن أخوة النسب ينقطع بمخالفة
الدين وأخوة الدين لا ينقطع بمخالفة النسب، سمى الله عزّ وَجَلّ يوشع بن نون فتى لانه
أحسن صحبة نبيه عليه السلام، وقال مجاهد لأيوب السختياني يا أيوب صاحب الأصحاب على
الورع والخوف وخادن على الزهد في الدنيا والأثرة لله على ما سواه يا أيوب صاحب
الأخيار وخادن الأبرار وشاور المتقين تكن من الله خالصي يا أيوب أكثر صحبة من يخشى
الله ومن يبصرك عيوبك ويدلك على دوائك، وقال بعضهم صديقك من حذرك الذنوب ورفيقك من
أراك العيوب وأخوك من أرشدك الى ربّك، وقال أبو عثمان الحيري من صحت صحبتهُ مع
الله لزم قراءة كتابه بالتدبير وآثر كلامهُ على كل كلامٍ وأتبع آدابه و أوامره وما
خوطب به ومن صحت صحبته مع رسول الله صل الله تعالى عليه وآله وسلم أتبَع أخلاقه
وآدابه وشمائِلهُ ومن صحت صحبته مع أولياء اللهِ تعالى أتبع سيرتهم وطريقتهم وتأدب
بآدابهم ولزم سنتهم ومن سقط عن هذه الدرجة فهو من الهالكين، وقال أبو بكر الكتاني
كل نفقةٍ يسأل عنها العبد يوم القيامة إلا نفقة الأخ مع أخيه فإن الله عز وجلّ
يستحي ان يسأله عنها، وقال أبن زيد المدايني صحبت الناس قديماً فرأيت قوماً كانت
لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فستر اللهُ عيوبهم وأذهب عنهم تلك العيوب ورأيت
أقواماً لم يكن لهم عيوبٌ فعابوا الناس فصارت لهم عيوب، وقال وهب بن الورد خالطت
الناس خمسين سنة فما وجدت رجلاً غفر لي ذنباً فيما بيني وبينه ولا واصلني إذا
قطعته ولا ستر على عورةً ولا أمنته إذا غضب فالاشتغال بها ولاءِ حمق كبير، فأوصي
نفسك وإخوانك من المسلمين بتقوى اللهِ وطاعته ولزم السنة والجماعة ورعاية القربى
وتصفية الخلوة وقلة الصحبةِ والفرار بالدين العزيز الذي لا عوض لهُ ثم إن أحوجتَ يا أخي الى الصحبة
فاصحب الصالحين الورعين وأهل الخشيةِ والمراقبة بالمداراة والموافقة وآداء حقوقهم
منك وترك مطالبتهم حقوقك منهم لعلك تنجوا وقَلَ من ينجوا في هذا الوقت من أيدي
الناس ولسانهم إلا من أقتصر ورضي بالبلغة فإني لا أرى لإخواني في هذا الزمان
والوقت خيراً لهم من الاقتصار في الدنيا والرضا بالقلة فأن الحرام كثيرٌ والحلال
قليلٌ يسير فطالبُ الحرام ذاهبٌ في غفلته وطالب الحلال ثابتٌ في جَوعته لقلة ما
يجد وليس كالاقتصاد في هذا الوقت وترك الشهوات والرضا بالكسرة وستر العورة فإن
التقلل في هذا الوقت يحي القلوب الميتة ويصفي الأحوال الكدرة فمن قل ذنبهُ قل شغله
وقلّ حسابهُ ومن قلّ أكله قلّ تخلفه وتعرضه وقليل العلم مع الاستعمال والديانة خير
من كثير العلم مع حب الدنيا والرياسة والحذر الحذر يا أخي فإن الزمان عجيبة
والفتنة واقعةٌ فلا يغرنك أشواق المنسوبين الى العلم فان العلم في الحقيقة هو
الخشية ومن كان في العلم بلا خشية جره علمه الى العطب والهلاك فمن الخشية تكون
المحاسبة ومن المحاسبة تكون المراقبة ومن المراقبة تكون دوام الشغل باللهِ سبحانهُ
وتعالى فاغبط الناس في زماننا هذا من عرف زمانه وحفظ لسانه ولزم شأنه.