قال سيدنا النبي
صل الله تعالى عليه وآله وسلم إن الله تعالى أدبني فأحسن تأديبي، وقال سهل بن عبد
الله التستري استعينوا بالله على امر الله ان تصبروا على آداب الله، وقال عبد الله
بن المبارك نحن الى قليل من الأدب أحوج الى كثير من العلم، قال أبراهيم بن أدهم
تربعتُ مرةّ فهتف هاتف هكذا يُجَالَس الملوك فما تربعتُ بعدها أبداً، وقال أبو
يزيد البسطامي قمت ليلة أصلي فعييتُ ومددتُ رجلي فسمعتُ هاتفاً يهتف من يُجالس
الملوك يُجالسهُم بحسن الأدب، وقال أبو محمد الحريري ما مددت رجلي في خلوتي قط إلا
وقلتُ استعمال الأدب مع الله أولى، وقيل لآبن المقفع من أدبك فقال نفسي كنت إذا استحسنتُ
شيئاً عملته وإذا استقبحتُ شيئاً تركته، وقال إبراهيم الخواص رأيت فقيراً بمكة له
جلسة حسنة فتقدمتُ ليه ومعي دراهم صَبَبَتُها في حجرِه فرمى بها بين يدي فقال اشتريت
هذه الجلسة بمائة ألف فلا أبيعها بهذا، وقال أبو بكر يزدانيار ليس لله مقام يطرح
فيه الأدب من ترك الأدب عُقِبَ بحرمان السُنة ومن ترك السُنةَ عُقِبَ بحرمان
الفريضة ومن ترك الفريضة عُقِبَ بِحرمان المعرفة، قال عبد الرحمن بن الحسين الصوفي
لما ورد أبو حفص النيسابوري العراق جاءه سيدنا الشيخ جنيد بن محمد البغدادي فرأى
أصحابه وقوفاً بين يديه يأتمرون لأمره لا يخفض أحد منهم بصره عنه قال له الجنيد
إنما أدبتَ أصحابك بآدب السّلاطين فقال يا
أبا القاسم حُسن أدب الظاهر عنوان حُسنَ
أدب الباطن، وقيل لأبي يزيد البسطامي متى يبلغ الرجل مبلغ الرجال فقال إذا أدب
نفسَهُ، وقال إبراهيم الخواص انعم الله عليه آداب الفقراء في فقرهم أثنا عشرة
خصلةً في الحضر والسفر إحداهن الطمأنينة بما وعد الله والثانية اليأس من الخلق
والثالثة العداوة مع الشيطان والرابعة استعمال الأوامر بحسب الطاقة والخامسة
الشفقة على الخلق والسادسة احتمال أذاهم والسابعة القيام بنصحهم والثامنة التواضع
للخلق والتاسعة مداومة الأوقات على الطهارة والعاشرة شغله بما هو أولى بِهِ في كل
وقت والحادي عشر أن لا تضيعوا رأس مالهم وهو تصحيح الفقر ومواجبه والثانية عشر
الكون على حال الرضا في المحبوب والمطروب وقال أبو القاسم النصرأبادي تؤدب النَفسُ
بالرياضات وتؤدبُ القلوبُ بالمعارف وقال أبو عثمان النيسابوري الأدب سنة الفقراء
وزينُ الأغنياء وقال أبو العباس بن عطا الأدمي لا يصح الأيمان إلا بمراعات الأدب
ولا المعرفة ولا التوحيد إلا بمراعاة الأدب فمن ترك الأدب فقد ترك المروءة ومن ترك
المروءة فقد ترك الدين وقال سري السقطي الأدب ترجمان العقل وقال أبو حفص
النيسابوري التصوف كله آداب لكل وقت أدب ولكل حال أدب ولكل مقام أدب فمن لزم آداب الأوقات بلغ مبلغ
الرجال ومن ضيع الأدب فهو بعيد من حيث يرجوا القرب ومردود من حيث يرجوا القبول،
وللمتصوف أداب في السفر وآداب في الحضر وآداب في أخلاقهم وأوقاتهم وسكونهم
وحركاتهم وهم محظوظون بها من غيرهم تعرف بذلك تفاصيل بعضهم على بعض وبهذا الآدب
يعرف الصادقون والكاذبون والمدعون والمحققون بأداب أهل الخصوص فإن أكثر أدابهم في
طهارة القلوب ومراعاة الأسرار والوفاء بالعهود وحفظ الوقت وقلة الالتفات الى العوارض واستواء
السر مع الإعلان وأشباه ذلك سئل أبو العباس بن عطا عن الأدب فقال أن تعامل الله
بالأدب سراً وأعلاناً فإذا كُنتَ كذلك كُنتَ أديباً ولو كنت ولو كنت أعجمياً وقال
بعضهم أطلب الأدب فإنه زيادة في العقل دليل على المروءة وصاحب في الغربة وصلة في
المجلس.