الخميس، 26 سبتمبر 2013

الشيخ جنيد البغدادي (قدس سره) أمام الطائفتين أقواله-جزء الثاني:

ويقول سيدنا الشيخ جنيد قدس سره في مدح سيدنا رسول الله صل الله تعالى عليه وآله وسلم أجتمع فيه أربعة أشياء السخاء والألفة والنصيحة والشفقة ويقول في خلقه صل الله تعالى عليه وآله كان خلقه عظيماً لإنه لم يكن له همة سوى الله تعالى،
 وفي صفة المريد وأحوالهم يقول سُئِل سيدنا الشيخ جنيد البغدادي قدس سره: متى تصح إرادة المريد فقال إذا ازال الله وسواس قلبه يهيج، سُئِل سيدنا الشيخ جنيد البغدادي قدس سره ماذا يطلب المريد من العلوم فقال الحكايات قيل وما فائدتها قال يقوي قيل ألهذا أصلٌ في كتاب الله تعالى قال نعم قال الله عز وجل (وَكُلًّۭا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَ ۚ) أية 120 سورة هود، وقال سيدنا الجنيد قدس سره َإذا رأيت المريد يطلب السماع فأعلم أن فيه بقيةٌ من البطالة، ويقول في السماع أيضاً تنزل الرحمة على هذه الطائفة في ثلاث مواضع: عند الأكل لانهم يأكلون عن فاقة، وعند المذاكرة لانهم يتحاورون في مقامات الصديقين وأحوال النبيين، وعند السماع لانهم يسمعون بوجد ويشهدون حقاً، وقال في أدب الصوفي قدس سره من أعان نفسه على هواها فقد أشرك في قتل نفسه، لإن العبوديةَ ملازمة الأدب والطغيان سوء الأدب، ويقول كذلك لا يضر نقصان الوجد مع فضل العلم، وفضل العلم أتم من فضل الوجد، وسُئِل عن التواضع قدس سره: فقال خفض الجناح ولين الجانب، وسُئِل الشيخ قدس سره عن الفتوة فقال احتمال زلل الإخوان، ويقول في الصلاة: لكل شيء صفوة، وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى، وإنما كانت التكبيرة صفوة لإنها موضع النية وأول الصلاة.
وسُئِل ما فريضة الصلاة؟ قال: قطع العلائق، وجمع الهم، والحضور بين يدي الله سبحانه وتعالى.
ومن قوله لأصحابه: لو علمت أن الصلاة ركعتين لي أفضل من جلوسي معكم ما جلست عندكم، وقال في الصحبة أيضاً: ما تواخى اثنان في الله واستوحش أحدهما إلا لعلة في أحدهما، وقال في الروح: الروح شيءٌ أستأثر الله بعلمه ولا تجوز العبارة عنه بأكثر من موجود، ولكن نجعل للصادقين محملاً لأقوالهم وأفعالهم.
وقال في محاسبة النفس: من حسنت رعايته دامت ولايته، وقال في الزهد: خلو الأيدي من الأملاك والقلوب من التتبع، ويقول في الصبر: إن الله أكرم المؤمنين بالإيمان، وأكرم الإيمان بالعقل وأكرم العقل بالصبر، فالإيمان زين المؤمنين، والعقل زين الأيمان والصبر زين العقل، وقال قدس سره في الشكر: فرض الشكر الاعتراف بالنعم بالقلب واللسان، وقال في التوكل: التوكل أن تكون لله كما لم تكن، فيكون الله لك كما لم يزل، وقال في الرضا: هو صحة العلم الواصل الى القلوب، فإذا باشر القلب حقيقة العلم أداهُ إلى الرضا، وليس الرضا والمحبة كالخوف والرجاء، فإنهما حلان لا يفارقان العبد في الدنيا والآخرة لأنه في الجنة لا يستغني عن الرضا والمحبة، وقال في المحبة: دخول صفات المحبوب على  البدل من صفات المحب، وسئل عن الأنس فقال: ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة مع وجود الهيبة، وقال أيضاً في الأنس: إن الله تعالى يقرب من قلوب عباده على حسب ما يرى من قرب قلوب عباده منه، فانظر ماذا يقرب من قلبك، وقال: الواصل هو الحاصل عند ربه، وقال في الفناء: الفناء استعجام الكل عن أوصافك واشتغال الكل منك بكليته، وقال أيضاً: القرب بالوجد جمع، وغيبته في البشرية تفرقة، وقال في التجلي والاستتار: إنما هو تأديب وتهذيب وتذويب، فالتأديب: محل الاستتار وهو للعوام، والتهذيب للخواص وهو التجلي، والتذويب للأولياء وهو المشاهدة، وقال في اليقين: حق اليقين ما يتحقق العبد بذلك، وهو أن يشاهد الغيوب كما يشاهد المرئيات ومشاهدة عيان، ويحكم على الغيب فيخبر عنه بالصدق، كما أخبر الصديق حين قال-لما قال له رسول الله رسول الله صل الله تعالى عليه وآله وسلم( ماذا أبقيت لعيالك؟ قال: الله ورسوله).
وقال في الابتداء: أكثر العوائق والحوائل والموانع من فساد الابتداء، فالمريد في أول سلوك هذا الطريق يحتاج إلى إحكام النية، وإحكام النية: تنزيهها من دواعي الهوى، وكل ما كان للنفس فيه خط عاجل، حتى يكون خرجه خالصاً لله تعالى، ويقول قدس سره في صدق التوجه: لو أقبل الصادق على الله ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة لكان ما فاته من الله أكثر مما ناله، وسُئِل قدس سره عن النهاية فقال: هي الرجوع الى البداية ومعناه (أن يعود بعد الوصول والعلم والمعرفة كأنه في بدايته بالنسبة للمريد كما في قوله تعالى (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنۢ بَعْدِ عِلْمٍۢ شَيْـًۭٔا) أية 5 سورة الحج.
وحكي عنه قدس سره ورد عليه في وقت السماع وارد فغيبه فسقط طرف ردائِه فوطئه ثم مدّ يده فرفعه فقيل له في ذلك فقال غبت ثم حضرت واستحيت من الله أن أدعي الغيبة في حال الحضور، وقال في صفة المحبين وأحوالهم: إذا ذكر شيئاً دون حبيبه حرم محبته، وسُئِل عن الحقيقة المحبة فقال: الميل الدائم بالقلب الهائم، وسئل قدس سره بماذا عرفت الله تعالى؟ فقال: عرفت ربي بربي ولو لا فضل ربي ما عرفت ربي، وقال المعرفة اطلاع الحق على الأسرار بمواصلة لطائف الأنوار، وقال من عرف الله تعالى طال حزنه، وقال أيضاً: نظر العارفون فإذا ليس بينهم وبين الله حجاب غير الدنيا فهتكوا، وقال في التوكل: لا تهتم لرزقك الذي قد كفيته واعمل عملك الذي قدرته فإن ذلك من عمل الكرام والفتيان، وقال في صفة التوكل: ليس التوكل الكسب ولا ترك الكسب انما هو سكون القلب الى ما وعد الله تعالى، وسُئِل عن التوكل فقال: اعتماد القلوب على الله تعالى في جميع الأحوال، وقال في الصمت: أقل ما في الكلام سقوط هيبة الربّ من القلب والقلب إذا عري من الهيبة فقد عري من الإيمان، وسُئِل قدس سره في الشفقة على الخلق قال: أن تعطيهم من نفسك ما يطلبون ولا تحملهم ما لا يطيقون ولا تخاطبهم بما لا يعلمون، وقال في كراهية السؤال: من فتح على نفسه باباً فيه حسنةٌ فتح عليه سبعين باباً من التوفيق ومن فتح على نفسه باباً فيه سيئةٌ فتح الله عليه سبعين باباً من الخذلان من حيث لا يشعر، وسُئِل عن المكاسب فقال: استسقاء الماء والتقاط النوى، وفي وصيةٍ له لبعض أصحابه: يا فتى ألزم العلمَ ولو ورد عليك ما ورد من الأحوال يكون العلم مصحوبك لان الله تعالى يقول (وَٱلرَّ‌ٰسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ) أية 7 سورة آل عمران.

وقال أيضاً يوصي أصحابه قدس سره: طالب نفسك بحقوق الناس ولا تطالبهم بحقك تسترح، وقال أيضاً: بعد ما أشرتم إليه فلا تلتفتوا الى غيره (أي الى غير الله سبحانه وتعالى).
مصادر:
روضة المريدين-لأبي جعفر محمد بن الحسين بن أحمد بن يزدانيار.
عوارف المعارف-عبد القاهر بن عبد الله السهروردي.
جمع الأقوال في هذا المقال حقوقها محفوظ لصاحب المدونة.